تبليغ الخبر السيء للمريض

عادة من الصعب أن تخبر مريض او مريضة انه يعاني من السرطان او انه عاوده مرة اخري او أن حالته تأخرت او أن المرض انتشر.

فمصطلح “توقعات سير المرض او التكهن Prognosis” يعني الطريقة التي تم تقريرها لعلاج المرض، والتي غالبا ما تشير الى المدة المتوقع أن يعيشها المريض، او التي قد تعني ايضا إذا ما كان هذا المرض قابل للعلاج ام لا، وهل تسمح حالته بذلك ام لا.

هناك العديد من المشكلات الثقافية والطبية والشخصية التي تلعب دورا بينما يتم إعلام المريض او ذويه بالمرض او طريقة العلاج، بالإضافة الى إمدادهم بكافة المعلومات بطريقة انسانية محترفة، فعلي الطبيب أن ينتبه الى مشاعر المريض وذويه والضغط الذي لا مفر منه بسبب تلك المعلومات، الى جانب اعطاءهم الامل حتي وإن كانت فرص الشفاء ضعيفة .

إن التواصل السليم بين المريض والطبيب يقوم علي المكاشفة والاحترام المتبادل و كيفية ابلاغ المريض بحالته.

فنري هنا أن ضعف التواصل يكون له أثر سلبي على مريض السرطان وعلى ذويه، فعلي سبيل المثال قد يؤدي الى فشل عملية السيطرة على الآلم بين المرضى والارتباك من حيث التوقعات الى جانب الاحباط عند مرحلة اتخاذ القرار، وذلك الى جانب أن المرضى الذين ليسوا علي علم بالتشخيص السليم لحالتهم يميلون الى اختيار علاجات قاسية في المراحل الاخيرة من حياتهم علي امل زائف بالشفاء مما يؤدي الى تعريض حياتهم للخطر.

يعتبر التواصل بين اطباء الاورام ومرضاهم تحديا في لبنان، فاظهرت دراسة استطلاعية عن الاطباء اللبنانيين والممرضات في عام 2007 أن 19% من الاطباء هم فقط من اخبروا مرضي الحالات المتأخرة بحقيقة مرضهم. كما اظهر استطلاع اخر ان اقل من نصف المرضى الذين تحت رعاية جمعية (سند) – دار رعاية للمرضي غير القابلين للشفاء بلبنان- علي علم بحالتهم ومن بينهم اقل من ثلث المرضي كانوا علي علم بتشخيص حالتهم الضعيف (بيانات غير معلنة، سند 2015).

ومن ناحية اخري اوضحت معلومات انتشرت على نطاق واسع تفيد بأن تشخيص المرض وتحديد العلاج يمكن من شأنه أن يحسن من قدرة المرضي وذويهم في التأقلم مع تشخيص مرض السرطان، ويمكن المريض من إتخاذ قراره الشخصي في العلاج، وأن يشجع اهداف العلاج الحقيقية، وأن يدعم المريض عاطفياً وأن يوطد العلاقة بين الطبيب والمريض. ففي دراسة صدرت عام 2015 كانت الاغلبية (82%) من العينة التي شاركت في استبيان المرضى اللبنانيين والتي اظهرت أنهم يفضلون أن يتم إخبارهم بأنه تم تشخيصهم بمرض السرطان. فحين تم سؤالهم عن الاسباب التي جعلتهم يريدون معرفة حقيقة مرضهم، فكانت الاجابة أن ذلك من شأنه أن يساعدهم في تنظيم حياتهم، ويفيد في خطة العلاج، ويجنبهم الوقوع في الاوهام، كما أنه يحسن من علاقتهم بأفراد الاسرة.

التحديات التي تظهر حين أبلاغ المريض بحالته :

فبالرغم من أن اغلب الاطباء اللبنانيين كانوا مع إبلاغ المريض بحقيقة تشخيصهم بمرض السرطان، إلا أن فئة قليلة جدا هي من تقوم بذلك. فالفرق بين التفضيل الشخصي للأطباء وبين الممارسة الفعلية علي ارض الواقع يرجع الى عوامل اجتماعية وثقافية موروثة في المجتمعات الشرق اوسطية والتي عادة ما تنتهج نهجاً محافظاً في الافصاح عن المرض. فالعديد من الاطباء وبعضاً من افراد اسرة المريض يظنون أن عدم الافصاح عن تلك المعلومات الخاصة بتشخيص المرض تكون في مصلحة المريض. ولذلك يعتري الاطباء حالة من القلق حينما يتحتم عليهم إبلاغ مرضاهم أنهم يعانون من مرض لا شفاء منه، والذي قد ينتج عنه حرمانهم من الامل ويضعهم على حافة الخطر من حيث تدهور حالتهم العاطفية والنفسية.

فيعتبر في المجتمعات الشرق اوسطية افراد العائلة والمقربين منها أنهم مسؤولون عن المريض ومنخرطين في المناقشات التي تعنى بتشخيص المرض وطرق العلاج وأنه من واجبهم أن يوفروا الدعم للمريض. وعلي الرغم من أن هذا المبدأ يستند الى حماية المريض إلا أنه علي العكس تماماً فهو ضد حق المريض في إتخاذ قرار واعِ لمصلحة صحته والمعروف بأسم “الحكم الذاتي”.

فمن الاسباب الاخرى التي قد تجعل الطبيب يتردد في الإفصاح عن المعلومات الخاصة بتشخيص المريض وطريقة العلاج هى عدم معرفته المدة التي سيعيشها مريض السرطان تحديداً، وعلى الرغم من عدم معرفة الأطباء بذلك إلا أنهم يستطيعوا تحديد تلك المدة تقريباً او علي اقل تقدير النتائج الممكنة مما يسمح للمريض أن يستوعب حالته بصورة أفضل.

طريقة توصيل الأخبار السيئة للمريض :

نجد هنا أن الاعتماد على استراتيجية معينة في توصيل تلك الاخبار لمريض السرطان يساعد الطبيب في هذه العملية، ففي هذا السياق تم تصميم استراتيجية لتحسين كفاءة الطبيب في توصيل الاخبار السيئة، وذلك عن طريق إتباع الخطوات الآتية تباعاً وتطبيق مبادئ التواصل السليم وتقديم المشورة،

تلك الخطوات الست كالتالي:

  1. تحديد موعد للمقابلة الشخصية مع مراعاة أن يكون مكان المقابلة مكاناً آمناً من دون أي عوامل قد تشوش او تقاطع المقابلة وأن يكون في حضور افراد عائلة المريض الذين قد يود حضورهم.
  2. إكتشاف مدي استعداد المريض وافراد اسرته لأستقبال المعلومات المتعلقة بالمرض، وذلك قبل إعطاء أي معلومات طبية وعلي الطبيب أن يحاول إستكشاف مدى معرفة المريض لحالته. فتلك المعلومات ستساعد علي تصحيح أي معلومات قد وردت بالخطأ وتساعد في توصيل المعلومات الصحيحة بأفضل طريقة ممكنة بناء علي كم المعلومات التي يعرفها المريض حول حالته.
  3. محاولة الحصول علي دعوة من المريض كي يستقبل مزيداً من المعلومات حول التشخيص أو طرق العلاج. فالطبيب سيحترم رغبات المريض طبقاً لكم المعلومات التي يرغب في الحصول عليها.
  4. إعطاء المعلومات للمريض مع عدم الدخول في اصطلاحات طبية او علمية، فسيحاول الطبيب أن يوصل المعلومات شيئاً فشيئاً ويتأكد من حين إلى آخر أن المريض قد استوعب.
  5. بما أن مشاعر الافراد تختلف فيما بينهم فعلى الطبيب أن يخاطب الناس وفقاً لمشاعرهم المختلفة (كالسكوت، عدم التصديق، البكاء، الإنكار، او حتى الغضب). فيتعين علي الطبيب أن يكون مستعداً أن يقدم الدعم والتعزية للمريض مهما يكن نوع المشاعر التي يعبر عنها المريض، وذلك يمكن تحقيقه عن طريق إعطاء المريض الوقت الكافي ليستوعب هذه الاخبار والتعاطف مع ردود فعله ويجعله يتيقن من أن تلك المشاعر مقبولة.
  6. التلخيص لكل ما تم مناقشته مع محاولة الوصول الى استراتيجية للعلاج تتناسب مع خطة المريض وامانيه واولوياته.

الكاتبة: د. سلام جلول هي المديرة الطبية لجمعية سند. هي اخصائية بطب العائلة والشيخوخة و عضو في دائرة الطب العائلي ولجنة العناية التلطيفية في مستشفى الجامعة الاميريكية. حصلة على شهادة العناية التلطيفية من جامعة ليون.

References:
 Sleeman, K. E. End-of-life communication: let’s talk about death. J. R. Coll. Physicians Edinb. 43, 197–199 (2013).
 Fallowfield, L. The challenge of interacting with patients in oncology. Eur. J. Cancer Oxf. Engl. 1990 45 Suppl 1, 445–446 (2009).
 Stewart, M. A. Effective physician-patient communication and health outcomes: a review. CMAJ Can. Med. Assoc. J. J. Assoc. Medicale Can. 152, 1423–1433 (1995).
 Rousseau, P. Hope in the terminally ill. West. J. Med. 173, 117–118 (2000).
 Abu-Saad Huijer, H. & Dimassi, H. Palliative care in Lebanon: knowledge, attitudes and practices of physicians and nurses. J. Méd. Liban. Leban. Med. J. 55, 121–128 (2007).
 Mack, J. W. & Smith, T. J. Reasons why physicians do not have discussions about poor prognosis, why it matters, and what can be improved. J. Clin. Oncol. Off. J. Am. Soc. Clin. Oncol. 30, 2715–2717 (2012).
 Farhat, F., Othman, A., El Baba, G. & Kattan, J. Revealing a cancer diagnosis to patients: attitudes of patients, families, friends, nurses, and physicians in Lebanon-results of a cross-sectional study. Curr. Oncol. Tor. Ont 22, e264–272 (2015).
 Buckman, R. Communication skills in palliative care: a practical guide. Neurol. Clin. 19, 989–1004 (2001).